رؤية المملكة- رعاية الموهوبين وريادة الابتكار الصحي

المؤلف: نجيب يماني09.26.2025
رؤية المملكة- رعاية الموهوبين وريادة الابتكار الصحي

لقد تركت رؤية المملكة العربية السعودية بصمتها الجلية على مسيرة الوطن وتقدمه في شتى المجالات، واستشراف آفاق مستقبلية واعدة منذ انطلاقها وحتى يومنا هذا. ويبرز من بين أهم محاورها، الاهتمام البالغ بالموهوبين والمبدعين من كلا الجنسين، وذلك من خلال إطلاق سلسلة من المبادرات الطموحة التي تهدف إلى دعم المخترعين وتحفيز الابتكار على نطاق واسع. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تم إنشاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية، التي تضطلع بدور محوري في حماية حقوق المخترعين والمبتكرين، وتوفير البيئة المناسبة لازدهار الابتكار والإبداع. وإضافة إلى ذلك، تم إنشاء حاضنات ومسرعات أعمال متخصصة في دعم المخترعين والمبتكرين، وتوفير لهم الأدوات والموارد اللازمة لتحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة ومستدامة. كما تم إطلاق الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي، الذي يمثل منصة مهمة لاكتشاف المواهب الشابة وتشجيعهم على الانخراط في مجالات العلوم والتكنولوجيا. وشهدت فصول الموهوبين زيادة ملحوظة في أعدادها، مما يعكس الاهتمام المتزايد برعاية الموهبة والإبداع في مراحل التعليم المبكرة. ولم يقتصر الدعم على ذلك، بل تم إطلاق برامج متخصصة لدعم وتمويل الاختراعات والابتكارات، مما ساهم في تحويل العديد من الأفكار الواعدة إلى واقع ملموس.

وفي إطار تعزيز البنية التحتية للعلوم والتكنولوجيا، تم إطلاق 104 مراكز للعلوم والرياضيات STEM، التي تهدف إلى إثراء العملية التعليمية وتزويد الطلاب بالمهارات والمعارف اللازمة لمواكبة التطورات المتسارعة في هذه المجالات الحيوية. كما تم رفد المؤسسات التعليمية بأحدث الأجهزة الحاسوبية وأجهزة العرض المتطورة، بهدف توفير بيئة تعليمية محفزة ومثمرة. ولم يغفل الدعم توفير التجهيزات اللازمة للمختبرات العلمية، حيث تم تزويدها بأحدث الأجهزة والأدوات التي تمكن الباحثين والطلاب من إجراء التجارب والبحوث العلمية بكفاءة وفاعلية. إن هذه المبادرات الطموحة التي أطلقتها الرؤية، تهدف إلى تحقيق تعليم مثمر وفاعل يساهم في دعم مسيرة الوطن وتعزيز التنمية والتطوير، وتحقيق التقدم والريادة في مجالات العلوم والتكنولوجيا. وبذلك، يتبوأ الوطن مكانة مرموقة بين الدول المتقدمة بعقول أبنائه وبناته، والانتقال من مجرد مستهلكين إلى منتجين مساهمين بفاعلية في حركة الاقتصاد العالمي، تحقيقًا لرؤية صاحب الرؤية الذي وعد ووفى بوعده.

وتماشيًا مع هذه الرؤية السامية للمملكة، وترجمةً لها على أرض الواقع، يستضيف مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث فعاليات (مؤتمر الرياض ميش كور) للابتكار في الرعاية الصحية خلال شهر إبريل الحالي، وذلك بالتعاون المثمر مع نيوم وجامعة الملك سعود، وتحت رعاية كريمة من معالي وزير التعليم.

ويمثل هذا المؤتمر برنامجًا تدريبيًا متخصصًا في مجال الابتكار في الرعاية الصحية، تقدمه مجموعة «ماس جنرال ريغهام» الأمريكية العريقة.

وتعتبر هذه المجموعة نظامًا أكاديميًا متكاملًا للرعاية الصحية، يضم تحت مظلته خمسة مستشفيات تعليمية مرموقة تابعة لجامعة هارفارد الأمريكية، والتي تغطي مختلف مستويات الرعاية الصحية، بدءًا من المراكز الطبية الأكاديمية المتقدمة وصولًا إلى المستشفيات المجتمعية وخدمات الرعاية المنزلية.

تجدر الإشارة إلى أن حاضنة الابتكار «ميش» قد تأسست عام 2016م كمسرّع داخلي لريادة الأعمال، بهدف تحفيز الابتكار والإبداع في مجال الرعاية الصحية. ومنذ إنشائها، قدمت الدعم لأكثر من 2500 طبيب وباحث من خلال مشاريع تطوير وبراءات اختراع وتأسيس شركات ناشئة وبرامج تعليمية متخصصة في الابتكار. وتتولى الحاضنة مسؤولية تنظيم مؤتمر «ميش كور»، وهو مؤتمر سنوي وبرنامج تدريبي معتمد يُقام حاليًا في مواقع متعددة حول العالم، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.

ويجمع هذا الحدث العالمي نخبة من أبرز الشخصيات المؤثرة من داخل المملكة وخارجها، للعمل سويًا على تنمية مهارات الابتكار في هذا المجال الحيوي والمهم. ويتضمن مؤتمر الرياض ميش كور تجربة مكثفة تجمع بين التدريب العملي والنقاشات المثمرة التي يقودها نخبة من الخبراء العالميين. ويتلقى المشاركون معارف أساسية في مجالات الابتكار الرئيسة، بالإضافة إلى رؤى واقعية من رواد الرعاية الصحية العالميين والإقليميين، مما يتيح لهم الوصول إلى أحدث التطورات في مجالات الصحة الرقمية، والذكاء الاصطناعي في الطب، والتكنولوجيا الحيوية، وريادة الأعمال في قطاع الرعاية الصحية. وعلاوة على ذلك، يوفر المؤتمر فرصًا متنوعة للمشاركة في جلسات لعرض الأفكار المستجدة ومناقشة مستقبل الاستثمار والتحول التقني في القطاع الصحي.

وتأتي استضافة مستشفى الملك فيصل التخصصي لهذا المؤتمر تأكيدًا على التزامه الراسخ بدعم البحث والابتكار والتعاون الدولي في مجال الرعاية الصحية التخصصية، وتماشيًا مع التوجهات الوطنية الرامية إلى تعزيز مكانة المملكة كرائدة في التحول الطبي والتقني. ويشكل هذا الحدث منصة محورية لتبادل الخبرات، وبناء الشراكات، وتسريع تطور قطاع الرعاية الصحية في المنطقة. فالاهتمام بالإنسان وصحته يتوافق مع رؤية المملكة الطموحة، التي وضعت الإنسان في صدارة أولوياتها، وجعلت من تأهيله، وترقيته، وتوفير أعلى مستويات جودة الحياة له هدفًا ساميًا. وقد تم تصميم برامج الرؤية وفقًا لهذا المعيار الأخلاقي الرفيع، الذي يضمن تحقيق التنمية المستدامة والرخاء للمجتمع بأكمله.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة